بين 12 و17 مارس 2019، ستنعقد الدورة التاسعة عشر لمهرجان "سينما السلام؟". هذه التجربة الاستثنائية في تاريخ المهرجانات السينمائية في تونس، تعتبر شكلا من أشكال المقاومة الفنيّة، ليس فقط لصبغة المهرجان الأولى في السنوات الألفين حين كان منصة لمناقشة أهم القضايا السياسية في تونس وفي العالم ولما أدى به ذلك للمنع وللتدخل الأمني خلال دورته الثانية، إنّما لصموده في السنوات الأخيرة في ظروف دقيقة تتمثّل بالأساس في شحّة التمويلات وندرتها.
في الأيام القليلة القادمة، تأتي دورة جديدة لمهرجان "سينما السلام؟" يؤكد خلالها فريقه على هوية المهرجان وخياراته الجمالية المضمونية التي تتميّز كلّ سنة عن التي تسبقها. تتّخذ الأفلام هذه السنة مسألة إنسانية شائكة تتعلّق بقدر الإنسان وبوجهته القادمة بعد كلّ مأزق، منعرج أو حدث تاريخيّ محدّد.
برمجة تجمع بين أفلام حديثة الإنتاج وأخرى قديمة، تصب جميعها في أزمة الإنسان الأولى، القدر… وما بعده. سيكون الانطلاق بفيلم Vote Off للمخرج الجزائري فيصل حمون، والذي يناقش قضية حديثة بالجزائر، تتعلق بترشح الرئيس بوتفليقة للعهدة الرابعة. يرافق حمون من خلال الفيلم مجموعة من الشبان في الثلاثين من العمر، جميعهم لم يصوّت أبدا في الانتخابات وينطلق معهم في رحلة لفهم علاقتهم بالسياسة ونظرتهم لكيفية سير الأمور في بلدهم الجزائر.
تتواصل بعد ذلك رحلة المهرجان مع شخصياته التي طالما تجد نفسها في مآزق متعلّقة دوما بمسألة الاختيار، أو التفكير في الخطوات القادمة كصقر الذي يتمزّق بين التفكير في شقيقته ومواصلة العيش معها وبين التفكير في نفسه ومحاولة الرحيل في فيلم ورد مسموم للمخرج المصري فوزي صالح. تكتمل القصص فيما بعد في العديد من البلدان، من فرنسا إلى المكسيك مرورا بإيطاليا وفلسطين وإيران والمملكة المتحدة.
بالإضافة إلى الأفلام والنقاشات، نجد في البرمجة مجموعة من اللقاءات السينمائية التي يتمحور موضوعها حول مسألة الأرشيف. خلال هذه الحصص الثلاث، سيتحدث نبيل الجدواني عن مصير الأرشيف السينمائي الرقمي للجزائر، وسيتناقش قدماء الجامعة التونسية لنوادي السينما عن مستقبل أرشيف هذا الصرح الذي يحمل بين رفوف خزاناته جزءا هاما من تاريخ السينما التونسية وحتى العالمية، كما ستتحدّث المخرجة التونسية فاطمة الشريف عن الأرشيف التونسي ل"الذاكرة اليهودية".
"سينما السلام؟" هو لقاء سينمائي سنوي، يسائل في كل مرة حياة الفرد وقرارات المجموعة، كلّ هذا دون التخلّي عن أهميّة الشكل الذي يحتوي هذه التساؤلات ليدعّمه بأسئلة أخرى جمالية بحتة.